الاثنين، 15 يناير 2018

خوف الأطفال

Fear-of-Children



خوف الأطفال صحي في حدود


يسمح الخوف الصحي بإثارة العقل ليظل يقظًا ومستعدًا لمواجهة المخاطر، ويحفز الجسم للتعامل مع الأحداث الطارئة.
محمود الديب


الخوف هو شعور غريزي يشعر به كل البشر كبارًا كانوا أم صغارًا. لكن الخوف من الظلام هو أول أنواع الخوف الطبيعي الذي ي شعر به الأطفال. ويصاحبهم الشعور بالخوف في مراحل النمو كافة، ولكن كثيرًا من مخاوفهم تختفي بمرور الوقت والتقدم في العمر، مثل الخوف من الرعد أو الظلام. بينما تظل بعض المخاوف لا تفارقهم إذا لم ينجح الأبوان في استئصالها، عبر تفهم تلك المخاوف والإنصات إليهم وغرس الثقة في أنفسهم.

د. عبير النمنكاني، استشارية الطب الإيحائي في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة في جدة، تذكر أن الخوف وسيلة من وسائل الحماية من الأخطار. ورغم تعدد الأبحاث التي درست أسباب الخوف إلا أن السبب الرئيس ما زال مجهولاً. ومن الضروري تشخيص الخوف وعلاجه في مراحل مبكرة من عمر الطفل، فقد يتطور ويتحول إلى رهاب، ومن ثم يتطلب علاجه وقتًا أطول.


الخوف يحمي من التهديدات


يؤكد د. فهد ابن عبدالله المنصور، استشاري الطب النفسي بمجمع الأمل للصحة النفسية في الريا ض، أن الخوف استجابة حيوية للخطر البدني والعاطفي لنتمكن من حماية أنفسنا من التهديدات. وعندما يتخطى الخوف كونه مخاوف طبيعية تتعطل الحياة دون سبب وجيه. فالصدمات أو التجارب السيئة يمكن أن تؤدي إلى استجابة الخوف بصورة يصعب إخمادها. كذلك تعريض أنفسنا لذكريات غابرة وتذكرها المستمر يجعلنا تحت سيطرة الما ضي. فالخوف أحد العوامل شديدة التأثير في الكائن الحي، وواحد من أهم المحركات التي تدفعه إلى القيام بسلوك معين كرد فعل لدفع الأذى والوصول إلى مرحلة الاستقرار، إما بالمواجهة، أو بالتجنب التام والابتعاد، أو بالتحايل والمداراة. والخوف أمر طبيعي طالما بقي ضمن إطاره الصحيح كالخوف من الحيوانات المفترسة، أو الأصوات المزعجة، أو حلول الظلام فجأة... إلخ، والذي يسمح بإثارة العقل ليظل يقظًا مستعدًا لمواجهة الخطر، محفزًا الجسم وعضلاته للاستعداد للتعامل مع الحدث الطارئ.

لكن ما إن ينحو الخوف منحى آخر فيكون مفرطًا إلى درجة منع صاحبه عن القيام بمهماته الحياتية اليومية. فهنا نقطة يلزم التوقف عندها و إيجاد حل لها كي لا تُشلَّ عجلة الحياة.


كيف يتسرب الخوف لأطفالنا؟


هناك بعض الأمور التي تسبب الخوف عند الأطفال. ومنها:

تهديد الأبوين وتخويفهما المستمر، والاستعانة بخلق قصص وهمية ومرعبة للطفل، كتخويفه من الطبيب، أو الشخصيات الخيالية حتى ينصاع لأوامرنا، ومشاهدة المناظر العنيفة أو المرعبة، والاستماع إلى القصص المخيفة. وكذلك الحرمان من الحب والرعاية، أو فقدان الأمن بهجر أحد الوالدين للطفل، أو انفصال الوالدين عن بعضهما.

والخوف بالعدوى. فكثير من الأطفال يكتسب الخوف لتعوده رؤية شخص مقرب يظهر الخوف من أمر ما ، والمبالغة في خوف الآباء والقلق على أبنائهم. فهذا السلوك يسهم في نشأة الطفل شديد الخوف على نفسه. هذا بالإضافة إلى البيئة العائلية المليئة بالتهديدات والمشاجرات والخلافات، إلى جانب تخويف الطفل بهدف الضحك والتسلية.


التعامل الأمثل مع الخوف

يوضح د. فهد الطرق الصحيحة للتعامل مع الخوف، ومن بينها، تقبُّل خوف الطفل والأزمة التي يشعر بها، ومعانقة الطفل وتقبيله، وتهدئة الطفل ومنحه الشعور بالأمان، وإفساح المجال للطفل للتعبير عن مشاعره واحترامها، إضافة إلى حث الطفل على معرفة مصدر الخوف، واعتماد أسلوب اللعب التمثيلي وتبادل الأدوار للتخلص من مشاعر الخوف.


اكتشاف مخاوف الطفل

على الآباء أن يتحلوا بالهدوء والاتزان في اللحظات التي يصاب فيها الطفل بالخوف، ودراسة السبب بمنطقية، وعدم تحقير الطفل بنعته بالفاشل أو الجبان، ومن ثم محاولة تطبيق مواجهة السبب الذي يخاف منه الطفل، وتعويد الطفل مواجهته تدريجيًا. فالطفل يحتاج دائمًا إلى الإنصات إليه، وإظهار اهتمام حقيقي تجاهه وتجاه مشكلته ومخاوفه، ومحاولة التخفيف من أثر السبب، ومنع المشكلة من التمدد وتعطيل دراسة الطفل وتفاعله، واتباع أساليب تقلل من ضغط موضوع الخوف.


الخوف الطبيعي

تقول د. عبير: إن الخوف عند الأطفال حالة طبيعية حتى عمر أربع سنوات. وعادة ما يكون الخوف نتيجة فصل الطفل عن أمه. لذلك لا ينصح بفصل الطفل عن والدته في هذه السن حتى لا يؤدي ذلك إلى عواقب نفسية تصيب الطفل، وتؤثر في مسار النمو الفكري والنفسي والسلوكي لديه. وبالرغم من أن حالة الخوف تتطور عبر تراكمات الزمن إلا أنها قد تصل إلى حد يؤثر سلبًا في حياة الطفل، وتعزله عن المجتمع، وتفضي إلى اختلال ثقته بنفسه وبالأشخاص المحيطين به. وفي هذه الحالة يجب عرض الطفل على الطبيب فورًا.


الخوف ومراحل العمر المختلفة

تستعرض موسوعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العربية للمحتوى الصحي المخاوف الطبيعية والشائعة وفقًا لمراحل عمر الطفل، والتي يمكن تصنيفها كما يلي:

من الولادة حتى سنتين

يخاف الطفل من سماع الأصوات العالية أو من الغرباء، أو من الانفصال عن الوالدين، أو من الأجسام الكبيرة.


من ثلاث سنوات إلى ست سنوات

يخاف الطفل من أشياء خيالية، مثل الأشباح والوحوش، والظلام، والنوم وحيدًا، و سماع أصوات غريبة.


الخوف من الذهاب إلى المدرسة

على الرغم من أن قلق الانفصال عن أحد الوالدين قد يكون عاملاً رئيسيا في رفض الطفل الذي يتراوح عمره ما بين خمس سنوات إلى سبع سنوات للذهاب إلى المدرسة، ولكن ليس بالضرورة أن ينطبق هذا العامل على الأطفال الأكبر سنًا.


من سبع سنوات إلى ست عشرة سنة

يخاف الطفل من أشياء أكثر واقعية، مثل الخوف من الإصابة أو التعب، أو الأداء المدرسي، أو الموت، أو الكوارث الطبيعية.


"عندما يتخطى الخوف الحدود الطبيعية تتعطل الحياة دون سبب وجيه. فالصدمات أو التجارب السيئة يمكن أن تؤدي إلى استجابة الخوف بصورة يصعب إخمادها"


طرق التخلص من الخوف المرضي

حتى يتخلص الوالدان من الخوف المرضي لأطفالهم عليهم أن يلتزموا بالمتابعة الدائمة لأطفالهم، واحترام شخصياتهم وتكليفهم ببعض المهام، و إشعارهم بالقرب منهم، ومنحهم الحنان اللازم، وتعويدهم الجرأة والمواجهة حسب أعمارهم، لأن مخاوف الطفل تتأثر بمستوى نضجه ومراحل نموه. فالطفل في نهاية عامه الثاني لا يخاف من الأفعى، وقد يلعب بها لكن في منتصف السنة الرابعة يخشى منها ويبتعد عنها.

يتوجب أيضا خلق جو صحي و أسري في البيت مبني على التفاهم والإقبال والجرأة المقننة، وإبعاد الأشياء المخيفة للطفل وصرفها عنه، وتعويده إياها تدريجيًا. وهذا ما يطلق عليه التطمين التدريجي، والاستماع له ولما يحكيه عن مشكلته، أو ما يخاف منه دون مقاطعته، أو إظهار الملل والتهميش، ثم مساعدته أو إقناعه بأسلوب هادئ. ويجب ألا يمارس الآباء أسلوب الإقناع أو الإيحاء للطفل بالخوف إلا في الأمور التي ينبغي فيها ذلك، وبالأسلوب المناسب، وتجنب البرامج التلفزيونية المخيفة، والأخبار التي تحوي مشاهد العنف والدماء والقتل، وانتقاء القصص اللطيفة ذات الخيال الجميل، والابتعاد عما يخيف الطفل ويزعزع زمنه الطفولي، والتركيز على تنمية مهارات الطفل من خطابة، وقراءة، ورسم وغيرها، وتنمية الثقة في نفسه، وتقليل الخوف عن طريق مشاركته في اللعب، فهو و سيلة جيدة لتعليم الطفل مواجهة مخاوفه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.