الخميس، 7 نوفمبر 2019

الرئيسية حقوق الأبناء في الإسلام

حقوق الأبناء في الإسلام



تقع على عاتق الآباء مسؤولية كبرى في تربية أولادهم، بالأسلوب الأمثل، والمنهج السليم، وأن ينأوا بأنفسهم عن الغلظة والقسوة
أ. د. عبدالكريم بن صنيتان العمري
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة

حقوق الأبناء في الإسلام



" الإسلام بتعاليمه النيرة الراقية ، وتوجيهاته القيمة السامية ، يأمر كم من في عنقه مسؤولية التوجيه ، بالتحلي بحسن الخلق وجميل التعامل ، ولطافة التوجيه ، ولين الجانب حتى ينشأ الموجه على الخلق النبيل، والاستقامة الدائمة ، والمنهج القويم "

عني الإسلام بأسس تكوين الأسرة المسلمة، وأكد تعميق أسباب ترابطها، وحَّض على العناية بدعائم صالحها واستقامتها، بحيث ينشأ أفراد الأسرة الواحدة على البر والفضيلة، يستنيرون بهدي القرآن الكريم، وتوجيه سيد المرسلين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. تسودهم روح الإخاء والمودة، والترابط والألفة، والقدوة الحسنة، فتكون النتائج السعيدة، والثمار الطيبة اليانعة، التي يسعد بها المجتمع، وترقى بها الأمة.

والأسرة هي المؤسسة الأولى التي تستقبل الفرد حين والدته، وتحيطه بالعناية والرعاية، وتقدم له احتياجاته المادية، والنفسية، والروحية، وتعتني به، وتحميه وتدعمه، وتُروضه على آداب السلوك الإيماني والاجتماعي، وتلبي رغباته، وتوفر متطلباته، وهي أهم المؤسسات التربوية الاجتماعية التي تضطلع بعدد من الوظائف، وعليها كثير من الواجبات الأساسية، حيث تُعّد المحضن الأول الذي يعيش الإنسان فيها أطول فترة من حياته. كما أن الإنسان يأخذ عن الأسرة مختلف الأفكار والعادات، والتقاليد، وغير ذلك من الآداب الفاضلة، أو السلوكيات الإيجابية أو السلبية في النواحي والمجالات كافة. ومسؤولية الوالدين تجاه الأبناء وحسن تربيتهم، مسؤولية عظيمة، يجب استشعارها وأداؤها على الوجه الأكمل. فقد حملهم الله تعالى المسؤولية، ووضعهم النبي، صلى الله عليه وسلم، أمام المهمة المنوطة بهم، فقال عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم.

والإسلام بتعاليمه النيرة الراقية، وتوجيهاته القيمة السامية، يأمر كل من في عنقه مسؤولية التوجيه، التحلي بحسن الخلق وجميل التعامل، ولطافة التوجيه، ولين الجانب، حتى ينشأ الموجُه على الخلق النبيل، والاستقامة الدائمة، والمنهج القويم، ما تعود آثاره على المجتمع بأسره. فإن المجتمع يسعد بالتربية الصحيحة لأفراد الأسرة، إذ يسعون إلى كل ما فيه صالح المجتمع، ويدفعون عنه كل ِّ شر وسوء، ويؤثرون راحة أفراد مجتمعهم على أنفسهم، ويقدمون مصلحته على مصالحهم الخاصة. وإن كانت التربية منحرفة من الأصل، فإن المجتمع يشقى بفساد الأبناء، الذين لم يجدوا من يُعنى بتربيتهم، فتتحكم فيهم الأهواء، وتغرس في نفوسهم الأنانية وحب الذات، ولا يفكرون إطلاقا في جلب النفع والفائدة لمجتمعهم أو السعي في رقيه وازدهاره.

ولن يتأتى ذلك إلا بالعناية التامة بالأولاد منذ َّ نشأتهم، والعمل على تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، وحفظهم ومراقبتهم. فمتى ما تعاهد الوالد ولده، وغرس في نفسه حب الخير، وأدبه بآداب الإسلام الفاضلة، وتعاليمه النيرة، قرت به عينه، واطمأن عليه، ونفعه حيا وميتًا. فإحسان التربية للولد منذ نشأة الأسرة وتكوينها، أمر لا بد منه، مصحوبا بدعاء الله له بالصالح والاستقامة. 

ولا بد من مراعاة شعور الأبناء حين التعامل معهم من الوالدين، فقد تسوء العلاقة بين الوالد وولده بسبب رعونة بعض الآباء، وقسوتهم في التعامل مع أبنائهم، واستخدام الألفاظ الفَّجِة والنابية في التخاطب معهم، وسلوك منهج التأنيب والتوبيخ المتكرر، فيقابل الأبناء ّ هذا التعامل السيئ بالعقوق لآبائهم، والتنكر لهم، ونكران جميلهم، وربما قطع العالقة بهم.

فمن الآباء من يفرض ِ على أفراد أسرته أسلوب ّ التسلط والسيطرة التامة، فلا يقبل التفاهم أو الاستفسار، بل يريد أن يكون هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، حتى لو كان مخطئا لم يتراجع عن خطئه أو يعترف به. ويكون قراره منفردا في أغلب الحالات. ويُرغُم أبناءه على التسليم برأيه، والإذعان لقراراته. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.