الجمعة، 4 أغسطس 2017

الرئيسية الأطفال والمحتوى الإباحي

الأطفال والمحتوى الإباحي




المعالجة بالتي هي أحكم


انتظر.. التسارع التقني قد يعرّض أطفالنا للمحتوى الإباحي الذي ربما يسبب أضرارًا نفسية وخُلُقية خطرة قد تستمر طيلة العمر

لا تقلب الصفحة لأنك تعتقد أن ابنك وابنتك محميان تماما من المحتوى الإباحي على الإنترنت، فأي مستخدم للإنترنت معرّض لأن يشاهد محتوى إباحيا في أي لحظة، بل قد يكون ابنك قد تعرّض لذلك ولم يتكلم لأنه يشعر بالخجل والارتباك. التسارع التقني الحاصل من حولنا أسرع بكثير من إدراكنا الشخصي. التقنيات المدهشة تتوالى تباعا، والتفاصيل التقنية التي لا ندرك كثيرا منها تتطور يوما بعد يوم. تبادل المعلومات الشخصية وانتشارها واستغلالها أمر أصبح من الصعب إدراكه والإحاطة به. كثير من الشركات حول العالم تسعى بكل ما تستطيع لاستغلال المستخدمين والاستفادة منهم، وكثير من هذه الشركات يضرب بالأخلاقيات والمثل العليا عرض الحائط في سبيل النجاح التجاري. وما يزيد من حالة الإرباك هذه أن عقول أطفالنا الغضة أقدر منا على استيعابها وفهمها واستغلالها والعبث بها. كم منا مثلا يلجأ لأبنائه لحل مشكلة في جواله؟ أو لتركيب برنامج؟ أو لعمل نسخة احتياطية؟ هل يمكن بعد ذلك أن نقول بكل ثقة إن استخدام أبنائنا للتقنية هو تحت السيطرة؟ نحن للأسف لا توجد لدينا دراسات و أرقام عن معدل تعرض أطفالنا للمحتوى الإباحي، وذلك لحساسية هذا الموضوع التي تجعل الأطفال والآباء والأمهات يؤثرون الصمت. ولكن المؤشرات العامة والقصص المتداولة تقول إنه يحدث بشكل ملحوظ، كما يحدث مع جميع أطفال العالم في كل مكان.

في أمريكا، المعدل العمري للطفل حينما يشاهد محتوى إباحيا لأول مرة في حياته هو 11 سنة. 42 % من الأطفال يشاهدون محتوى إباحيا قبل سن المراهقة، و 73 % من الأطفال يشاهدون ذلك قبل أن يصبحوا راشدين، أي قبل سن 18 عاما. هذه الإحصائيات مخيفة! أبناؤنا جميعا معرضون في أي لحظة لمشاهدة ما لا يمكن لنا أن نستوعبه من المحتوى الإباحي الخطر والمخجل. هذه أصبحت حقيقة من حقائق عصر الإنترنت الذي نعيشه.

ماذا سيحدث لو شاهد ابني محتوى إباحيا؟


المحتوى الإباحي قد يسبب أضرارا نفسية وأخلاقية خطرة على الطفل، وقد تستمر معه هذه الأضرار طيلة حياته وتكبر معه. وقد يكون لها تأثير متعد على الآخرين فيما بعد إن وجدت البيئة المناسبة لذلك. ثقافة الطفل الجنسية تكون صفرا خالية تماما من أي أفكار أو تصورات. حيث إنها تبدأ في النمو والتفتح مع مراهقته شيئا فشيئا حتى يصل إلى سن النضج. ولكن الذي يحدث أن هذا الحيز يتم تغذيته فجأة بمواد صادمة، لم يحن الوقت المنا سب لعقل الطفل لاستيعابها، وقد يمر ذلك مرور الكرام، ولكنه للأسف أحيانا قد يتطور إلى أمور لا تحمد عقباها.

"قد يرى الطفل أنه قد أخطأ خطأ كبيرا بسبب تعرضه للمحتوى الإباحي، ومن ثمَّ يحتقر نفسه داخليا، وتهتز ثقته إلى أبعد الحدود، ما قد ينتج عنه صعوبة في النوم، وبكاء دون سبب، والتعرض لكوابيس".

ما الذي قد يحدث إذا؟


من أبرز الآثار أن ما يراه الطفل سيشكل بداية ثقافته الجنسية، مهما كان الذي رآه شاذا وغريبا! وقد ينشأ ويكبر وهو يعتقد من قرارة نفسه أن هذا الذي رآه هو روح العلاقة الجنسية، لأن هذا الذي رآه صادف عنده بداية فورته الجنسية، ومن ثمَّ كان أرضا خصبة لذلك. هذه البذرة الخبيثة تثمر مع الزمن تصرفات خبيثة، قد تكون على شكل كلمات بذيئة وتصرفات خادشة مع زملائه في المدرسة أو تصرفات صادمة مع زوجته فيما بعد، وغير ذلك. وقد يتسبب ما رآه في آثار نفسية سلبية، كأن ينطوي على نفسه، ويعيش عوالمه الخاصة في صمت، لأنه يعلم أن ما رآه هو أمر مخجل يرفضه المجتمع، ولكنه في الوقت نفسه وجد لذة خاصة فيه، قد يدفعه ذلك إلى الإبحار أكثر و أكثر فيما رآه، قد يتطور ذلك إلى أن يخلق لنفسه شخصية سرية على الإنترنت مع مرور الأيام، ويتواصل مع من يشاركه ذلك، لينتج عن ذلك أمور لا تحمد عقباها. وقد يتسبب ما شاهده في حيرة نفسية، وتشكيك، ومن ثمَّ فقدان الثقة بالنفس، وقد ينتج عن ذلك أن يصبح الطفل عنيفا مع من حوله، ويرفض الآخرين، ولا يتقبل الحوار. قد يرى الطفل أنه قد أخطأ خطأ كبيرا بما فعل، وعلى هذا يحتقر نفسه داخليا. وهذا يهز شخصيته وثقته بنفسه إلى أبعد الحدود. قد ينتج عن ذلك صعوبة في النوم، وبكاء دون مناسبة، وكوابيس.

ابني تعرّض فعلا لمحتوى إباحي، ماذا أفعل؟


قبل كل شيء، كم عمر ابنك أو ابنتك التي تعرضت لمحتوى إباحي؟ إن كان خمس سنوات أو أقل، فعلى الأغلب لن يُحدث ما شاهده أي تأثير، ولذلك قد يكون الحل الأن سب هو تجاهل ما حدث، مع الاحتياط حتى لا يتكرر تعرضه لهذا المحتوى مرة أخرى. أما إن كان أكبر من ذلك، فحينئذ علينا أن نتصرف، خصوصا إن كان عمره ثماني سنوات أو تسع سنوات فأكثر. خذ نفسا عميقا، سيطر على أعصابك، وتصرف بهدوء. أحيانا ردة الفعل العنيفة أو المفاجئة تزيد كثيرا من صعوبة الموضوع، وتكون سببا في لفت نظر الطفل إلى أن ما شاهده هو شيء مثير للاهتمام، و إلا "لماذا تصرف أبي أو أمي هكذا؟" ، ثم يفكر فيه أكثر وقد يحاول العودة إليه مرات أخرى لمحاولة فهمه. أعلمُ أن السيطرة على الأعصاب في اللحظة التي نرى فيها الطفل يشاهد محتوى إباحيا أمر صعب، ولكنه جزء من علاج وتخطي المشكلة، يمكن أن نطلب من الطفل أن يحضر شيئا أو نناديه لنعطيه شيئا يحبه وخلال ذلك نقوم بتغيير ما يشاهده كإغلاق الحاسوب أو تشغيل شيء آخر له يحبه، وهكذا. اكسب بعض الوقت لتفكر جيدا في خطواتك وماذا ستفعل، على الوالدين حينها أن يتحدثا ويتشاورا مع بعضهما في هذا الموضوع، يمكن لهما أن يستشيرا أحد الأقرباء أو الأصدقاء ممن لديه خبرة جيدة في التربية إن كانا يريان أنهما يحتاجان إلى ذلك.

تحدث مع ابنك


أهم خطوة على الإطلاق التواصل الجيد مع الطفل، والحوار المفتوح البنّاء. أما النمط التقليدي في التوجيه، وهو أن نحضر الطفل ونعطيه محاضرة وعليه أن يسمع ويطيع، فلن يجدي نفعا هنا. ولو تجاوب الطفل فإنه يقوم فقط بتغطية ما حصل معه حتى ينفجر في وقت آخر.

اختر وقتا مناسبا


على الوالدين أن يقررا معا من سيتحدث مع الطفل، وكيف. بعض الأطفال يتحدثون بحرية مع آبائهم في أثناء اصطحابهم من المدرسة إلى المنزل مثلا، وبعضهم يتحدثون بحرية مثلا مع الأم حينما تجلس معهم قبل النوم. اختارا الوقت المناسب ليبدو الموضوع وكأنه تلقائي. أما محاولة فتح حوار مع الطفل في وقت غير مناسب فلن يحقق منه الاستجابة المرجوة. بعض الأطفال مثلا تعوّدوا على اللعب بعد الغداء. حينما يناديهم الأب أو الأم للحديث معهم في هذا الوقت سيقوم الطفل بمحاولة إنهاء الحديث بسرعة وبأي طريقة فقط للعودة إلى ألعابه. علينا أن ننتبه إلى ذلك.

استمع أولا


لا تعتقد أنك تعرف تماما ماذا حصل مع ابنك، وماذا شاهد، وما أثر ذلك فيه. أنت في الأغلب لم تشاهد إلا لقطة من عموم المشهد وهي أن ابنك جالس أمام شاشة تعرض شيئا مخلا، ما عدا ذلك فأنت لا تعرفه. ولذلك من الخطأ أن تقوم فورا بنصح ابنك. قد يكون ابنك غير مدرك أصلا ما الذي حصل، وماذا شاهد. ونصحك المباشر له سيفتح إدراكه على أشياء لم تكن موجودة. ومن ثمَّ تكون أنت سببا في تضخيم المشكلة ولي سحلها.

استمع لابنك، ابدأ بالحوار معه بطريقة أسئلة واستفهامات بسيطة، ودعه يتكلم براحته، ويسترسل كما يريد. إن بدأ بذكر أشياء صادمة فلا تنفعل أمامه لأن ذلك سيجعله يقطع حديثه ولن تعرف أبدا بقية ما حصل معه. كن هادئا، كن مستمعا جيدا وصبورا مهما كان حديث ابنك صادما أو مملا. اعرف منه ماذا شاهد، ولماذا شاهده، كيف و صل إلى ما شاهده، هل و صله بشكل تلقائي أم أن هناك شيئا تعلمه من شخص ما؟ هل تحدث مع أحد من أصدقائه مثلا حول ما شاهده؟ لا تتوقف هنا، اعرف منه انطباعه ورأيه في الذي شاهده. أحيانا تكون تصوراته بسيطة و سطحية ولم يفهم تماما ما الذي شاهده، وليس كما نظن نحن بعقليتنا من أنه قد فهم الموضوع بأكمله. الاستماع إليه أمر مهم جدا، عليك ألا تبني جدارا بينك وبينه، لأنك إن فعلت ذلك فلن يفضفض لك ويتحدث معك، وقد يذهب إلى شخص آخر ليتحدث معه حول ما يشاهده، ومن يكون هذا الشخص؟ لا أحد يعلم.

ابدأ في الحديث معه من وحي ما قاله


بعد أن تشعر أن ابنك قد قال كل ما لديه، حينها يمكنك أن تبدأ في الحديث معه. وما ستقوله هنا يعتمد على نوعية الحادثة وما الذي شاهده، وعلى ما سمعته منه ومن فكرته هو عن الموضوع. ولا يوجد هنا مسار واضح تتبعه في أثناء حديثك معه، الموضوع يعتمد أولا و أخيرا عليك وعلى تقديرك للموقف، ومعرفتك بنفسية طفلك وطباعه، ولكن الأهداف التي تريد أن تصل إليها هي ما يلي:

  • عليك أولا أن تعطيه شعورا بالثقة والأمان والاطمئنان، علاقتك النفسية معه مهمة جدا على المدى الطويل، فلا تخسرها.
  • تنمية الوازع الديني والأخلاقي لديه، وتشجيع حس المراقبة الذاتية عنده.
  • أن يعرف أن ما شاهده خطأ، أصل الفعل خطأ، ومشاهدته خطأ، وعليه أن يبتعد عن ذلك.
  • تحذيره من ألا يتحدث مع أحد حول ما شاهده إلا مع أبيه أو أمه، وتشجيعه على أن يتحدث مع والديه كل ما طرأ معه أمر جديد، سواء تعرض لشيء جديد، أو بدأت عنده تساؤلات جديدة حول ما رأى و شاهد.

وهناك العديد من الأدوات التي يمكن للوالدين استخدامها، من ذلك تأكيد أن ما رآه هو من الأفعال الشاذة والخاطئة، ويمكن إن كان عمره مناسبا أن يقال له إن هذا هو الزنا الذي هو حرام وكبيرة من الكبائر (بالمناسبة، كثير من الصغار يعرفون كلمة «زنا» لأنها ترد عليهم في القرآن الكريم ولا يعرفون معناها، أو عندهم أفكار سطحية عنها)، وعلى هذا يمكن التركيز في الكلام على الوازع الديني، وعظم إثم من يفعل هذه الأفعال. كما يمكن التركيز على فضيلة غض البصر، ويمكن أن نورد له قصصا من التاريخ عن أشخاص ابتعدوا عن الزنا، مثل قصة نبينا يوسف عليه السلام، وقصة المسكي التراثية. هل هذا يكفي؟ كلا بالطبع، كل ما سبق هو لمحاولة تجاوز أزمة حصلت، ولكن ما حصل هو جرس إنذار لنا أن هناك خللا في نظام الرقابة الموجود في الأسرة. علينا بعد ما حدث أن نعيد النظر في طبيعة استخدام الطفل للأجهزة الإلكترونية والحا سب الآلي. من الخطأ أن نمنعه من استخدامه فجأة، ولكن علينا أن نضع القيود والضوابط التي تكفل بقدر الإمكان عدم تكرار ما حصل. ونركز على الثغرة التي حصلت منها الحادثة. إن كانت على سبيل المثال خللا في الرقابة على متصفح الإنترنت فعلينا تفعيل خاصية البحث الآمن فورا. ثم علينا أن نزيد من الرقابة على الطفل نفسه وعلى تصرفاته، هل هناك تغيير ملحوظ عليه؟ هل بدأت عليه علامات الانطواء، والخوف، وعدم الرغبة في النوم؟ كل هذه المؤشرات تعني أن علينا أن نقترب أكثر منه، فالمشكلة لم تحل بعد. كما علينا أن نمنع الطفل من أن يبقى لوحده فترات طويلة مع أقران له من الجنس الآخر، ويمكن أن نمنعه من المبيت عند أي أحد من أقاربه على الأقل في الأشهر الأولى بعد تلك الحادثة. اتبع هذه الإرشادات مع طفلك إذا اكتشفت أن ابنك تعرض لمحتوى إباحي فيتوجب عليك أن تحذر من الأمور التالية حينما تعالج الموضوع:

  • لا تقم بإلقاء اللوم عليه أو تعنيفه.
  • لا تحاول تسطيح الموضوع بادعاء أن ما شاهده غير حقيقي.
  • حاول أن تمنح الطفل شعورا بالرعاية والاهتمام والحماية أولا وطوال الوقت.
  • اعمل على أن تمنحه شعورا بأن ما يشعر به الآن هو أمر طبيعي، سواء كان خوفا أو غضبا أو ضيقا أو عدم فهم وتشويشا.
  • لا تقم برد فعل عنيف و صادم كأن تسحب من بين يديه الآيباد أو تغلق تماما الحاسوب في وجهه. هذا سيجعله لن يتحدث معك في أي شيء مماثل يواجهه غدا. وهذا سيمنحه شعورا أيضا بأنه هو السبب في الخط أو أنك تلقي باللوم عليه.
  • اجعله يشعر بأنك سعيد لأنه تحدث معك و صارحك بهذا الموضوع.
  • إن رأيت أن هناك تأثيرا نفسيا قويا في طفلك جراء ما شاهد، ولا يمكنك احتواء ذلك، فالأفضل حينها أن تستشير طبيبا نفسيا مختصا ليحاول مساعدتك.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.