الجمعة، 24 مارس 2017

الرئيسية الأطفال والأجهزة التقنية الحديثة

الأطفال والأجهزة التقنية الحديثة



إساءة التعامل مع الأدوات الحديثة يصيب الأطفال بأعراض نفسية وصحية


التقدم التقني الكبير الذي عاشته البشرية خلال العقدين الأخيرين، لم يكن مجرد ثورة علمية لخدمة الإنسان في مختلف مناحي حياته، وتيسيرًا عليه، وتعزيزًا لقدرات البشر على التواصل، بل إنه خلف آثارًا اجتماعية خطيرة لم تكن في مخيلة البشر، خصوصًا بعد إساءة استخدامها والإفراط في التعامل معها، خصوصًا من قبل الأطفال الذين تركهم آباؤهم يغرقون في عزلتهم في عالم التقنية، غير مدركين مخاطر هذا العالم.

فرحة الوالدين بإقدام طفلهما على استخدام هاتفهم الجوال لأول مرة، وانبهارهما مع نمو قدراته العقلية وتمكنه من تحسين أسلوب استخدامه لهذه الأدوات، سرعان ما تزول بعد أن يتعلق الطفل بهذه الأجهزة فيحملها أكثر من والديه ويصر على استخدامها في كل وقت، ويبادر بالبكاء إذا ما أُخذ منه الجهاز عنوة، فيصل الأمر معه إلى حد الإدمان الذي يفشل معه الوالدان دومًا في منع طفلهما من استخدام هذه الأجهزة وإلا تحول المشهد إلى دراما مستمرة.

انشغال الوالدين

يرى د. سعود الضحيان، أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود، أن كثرة ملهيات الحياة في الوقت الحاضر جعلت كثيرًا من الآباء والأمهات ينشغلون عن أبنائهم، ومن ثم بدأ الأطفال في البحث عن وسائل أخرى لشغل الفراغ ومنها اللجوء إلى وسائل التقنية الحديثة، واستخدام الهواتف والحاسب والأجهزة اللوحية، وذلك في عمر مبكر للغاية، وهو يسعد الوالدين في البداية خصوصًا مع تعلم الأبناء شيئًا جديدًا وربما مفيدًا في هذا العمر المبكر.

آثار الإفراط

بعد فترة من الزمن يكتشف الآباء أن الإفراط في استخدام هذه التقنيات قد تسبب في حدوث انفصال بينهم وبين أطفالهم، الذين يصرون على استخدام هذه الأجهزة في كل وقت، رافضين الانصياع لأوامر والديهم، لتركها ولو لبعض الوقت، فضلاً عن تأثر الأطفال وقدراتهم الفكرية والجسدية بسبب المكوث لساعات طويلة أمام هذه الأجهزة، وهي أمور تؤثر في النمو الطبيعي للأطفال.

الأمر الأكثر صعوبة هو أن الإفراط في استخدام هذه التقنية قد يتسبب في الاكتئاب بسبب العزلة التي يفرضها الطفل على نفسه خلال استخدام هذه الأجهزة، فيحجب نفسه عن اللعب مع أقرانه بالصورة الطبيعية التي يعيشها من هم في مثل عمره، كما أنه قد يرفض مغادرة المنزل إذا ما شعر أنه لن يتمكن من اصطحاب حاسبه اللوحي معه، أو أنه لن يجد اتصالاً بالإنترنت ليمارس ألعابه خارج المنزل.

من المسائل الخطيرة الأخرى التي قد يتعرض لها الطفل من سوء استخدام هذه الوسائل، عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل، هو تعرضه للابتزاز عبر بناء علاقات بعيدة عن رقابة الوالدين وهو خطر شديد يحدق بالطفل لن يتمكن من التعامل معه، فضلاً عن أن بعض الأطفال قد يتعرضون لمحتويات غير لائقة تتعلق بالمحتويات الإباحية أو المخدرات، وهي أشياء لا يمكن للطفل فهمها بالشكل الصحيح، ومن ثم يكون عاجزًا عن التعامل معها، ما يتسبب في حدوث آثار سلبية كبيرة.

مكافحة الإفراط

يرى د. الضحيان أن فكرة منع الأطفال من استخدام التقنيات الحديثة ليست فكرة سديدة، ولكن الأكثر حكمة في الأمر هو التدخل المجتمعي من الآباء، والمدرسين، إلى جانب دور وسائل الإعلام والمساجد، بجانب كل مؤسسات المجتمع، لنشر التوعية اللازمة ووضع أطر التعامل مع هذه الأجهزة.

وتكمن الحلول في أن تحرص كل أسرة على تحديد ساعات استخدام يومية لمثل هذه الأجهزة وإنشاء خطوط أرقام ساخنة، يمكن أن يستعين بها الأشخاص للحصول على المشورة صغيرًا كان أو كبيرًا للمساعدة على مواجهة أي تحديات.

حماية الأطفال

يرصد المركز الوطني الإرشادي لأمن المعلومات بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بعض المعلومات للآباء لإبقاء أبنائهم آمنين في استخدام الإنترنت، عبر دليل يؤكد ضرورة تعليم الأطفال فوائد الإنترنت ومخاطرها، وكيفية استخدامها بالسبل الآمنة. كما يؤكد الدليل ضرورة وضع الحاسب الذي يستخدمه الأطفال في مكان عام بالمنزل، وليس داخل غرف مغلقة، لتسهيل عملية الإشراف والمراقبة، والتأكد من تركيب برامج الحماية والأمان على الحاسب الآلي، ورفع مستوى المسؤوليات الموكلة إلى الأطفال كلما تقدموا في العمر.

ويشير الدليل إلى أنه أصبح بإمكان الأطفال استخدام الإنترنت من المنزل والمدرسة وعند الأصدقاء، حتى في أماكن التجمعات التجارية. وهذه الإمكانية الواسعة تجعل من الضروري الحرص على تعليم الأطفال وتحذيرهم من مخاطر الإنترنت باستمرار، إذ يجب على الآباء أن يحددوا مع أبنائهم قائمة بالمواقع المفيدة لهم. وحصر التراسل عبر البريد الإلكتروني على مجموعة معروفة من أصدقاء الطفل وأقاربه، والتعريف بمخاطر المشاركة في غرف المحادثة أو المجموعات غير النظامية.

الاستخدام الأمثل للتقنية يقي من المخاطر الصحية


أكدت دراسة أمريكية نشرت في مجلة Pediatrics أن إبعاد الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية من غرف الأطفال وقت النوم يساعدهم على النوم لمدة كافية، ما ينعكس على أدائهم الدراسي بشكل إيجابي، ويقيهم من الكثير من الأمراض المتعلقة بقلة النوم ومنها السمنة وأمراض القلب، إلى جانب التأثيرات النفسية والاجتماعية السلبية.

ويرى الباحثون أن الأجهزة صغيرة الحجم، كأجهزة الهواتف الذكية لها تأثيرات سلبية أكبر من الأجهزة اللوحية بسبب سهولة استخدامها وقربها من وجه الطفل، ما يزيد من تأثيراتها المباشرة في الأطفال بسبب ما ينبعث منها من أضواء تؤثر في هرمون النوم الطبيعي «الميلاتونين»، فضلاً عن أن الإشعارات الخاصة بهذه الهواتف تشوش نوم الأطفال، ما يؤثر في جودة النوم أيضًا إلى جانب عدد الساعات القليلة التي ينامونها.

ينام نحو %54 من الأطفال بجوار الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، كما أن %75 من الأطفال لديهم أجهزة تلفاز في غرف نومهم، في حين تقل ساعات نوم الأطفال الذين يحتفظون بأجهزتهم اللوحية بحوالي 20 دقيقة يوميًا مقارنة مع غيرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.