ترتبط السمنة بالعديد من الأمراض المزمنة، وبعض
الاضطرابات المرضية ومنها أمراض القلب، والأوعية الدموية، وداء السكري (النوع الثاني)،
والتهاب المفاصل، وبعض أنواع السرطان، وأمراض المرارة. لذلك فإن معدل انتشار السمنة
يمثل مؤشرًا عن الحالة الصحية للمجتمع. وقد ظهرت حديثًا أنظمة وحميات غذائية للوقاية
والعلاج من السمنة، بعضها قد يكون مدعومًا بالطرق العلمية، وذا مصداقية، والآخر ليس
له أي أساس علمي أو صحي.
من بين أنواع الحميات التي بدأ الحديث عنها في الآونة
الأخيرة هي، حمية فصائل الدم، وللتعرف على هذا النوع من الحمية ومدى فعاليته من عدمه،
يتوجب في البداية التعرف على الدم وخصائصه وكيفية عمله داخل الجسم.
تاريخ فصائل الدم
يرجع تاريخ فصائل الدم إلى سنة 1901، حيث اكتشف
الباحث كارل لاند سترنير أن نقل الدم من شخص إلى شخص آخر يختلف معه في نوع الدم قـد
يؤدي إلى صدمة ومشكلات صحية خطيرة. وقـد قـسـم لاند سترنير أنواع الدم إلى ثلاث مجموعات
هي (B،A،
O)، وأوضح أن نقل دم شخص يتبع
مجموعة A إلى شخص آخر من المجموعة نفسها (مجموعة A) لا يحدث أي مشاكل والشيء نفسه للمجموعة B. وفي سنة 1902 اكتشف باحثان وهما الباحث ديكاستريلو، والباحث استيرلي المجموعة AB. هذه الحروف تعني وجود أنتيجين خاص على جدار
خلايا الدم الحمراء. ويقصد بالأنتيجين المادة التي تعمل على تنبيه جهاز المناعة لإطلاق
الأجسام المضادة.. بمعنى أن خلايا الدم الحمراء التي تحتوي على الأنتيجين A عندما تنقل إلى شخص لا يحتوي على الأنتيجين A فينتج الشخص الذي نقل إليه الدم أجسامًا
مضادة لتهاجم الجسم الغريب. وقد ينتج عن ذلك إما نزيف أو تخثر للدم، وقد يؤدي إلى الوفاة.
هناك، حاليًا، أكثر من 20 تقسيمًا لتقسيمات المجموعات
الدموية، وحوالي 200 فصيلة للدم. وأهم التقسيمات الدموية هو نظام ABO، حيث يقسم إلى فصيلة A وتعني احتواء جدار خلايا الدم الحمراء على
الأنتيجين A،
والفصيلة B وتعني احتواء جدار خلايا الدم الحمراء على الأنتيجين B، والفصيلة AB وتعني احتواء جدار خلايا الدم الحمراء على
الأنتيجين A وكذلك B. أما الفصيلة O فتعني عدم احتوائها على الأنتيجين A أو B. وتتشابه التركيبات الكيميائية لهذه الأنتيجينات ما عدا وحدة السكر على
أطراف التركيب الكيميائي للأنتيجين. من هنا ليس هناك أي علاقة بين امتصاص المغذيات،
سواء كانت بروتينات، أو دهونًا، أو كربوهيدرات، أو فيتامينات، أو معـادن وبين فصيلة
الدم، حيث لا يوجد أي بحث أو دراسة علمية تؤكد أو تثبت هذه العلاقة. وترجع أهمية فصائل
الدم فقط في عملية نقله من شخص إلى آخر.
وظائف الدم
تشمل أهم وظائف الدم وظائف التوصيل أو النقل: توصيل
المغذيات الممتصة أو نقلها من القناة الهضمية إلى الأنسجة ونقل المخلفات إلى الكلى،
نقل الهرمونات من أماكن إفرازها في الغدد إلى أماكن عملها في الأنسجة، نقل الأكسجين
من الرئة إلى الأنسجة عبر الشهيق، ونقل ثاني أكسيد الكربون إلى الرئة للتخلص منه عبر
الزفير، نقل الحرارة من العضلات النشطة إلى الأنسجة الأقل نشاطًا.
الوقاية من الأمراض
عندما يتعرض الجسم لأجسام غريبة تقوم الخلايا اللمفاوية
التائية B-Lymphocytes بإنتاج أجسام مضادة تسمى الأجسام المناعية (Ig
Immunoglobulin). وتنقسم هذه الأجسام المضادة حسب وجودها
في المصل إلى خمس مجموعات تتشابه في الشكل العام، ولكنها تختلف في تركيبها وترتيبها
للأحماض الأمينية المكونة لها، وكذلك في مواقع التحام الأجسام الغريبة بها، حيث يقوم
كل جسم مضاد بالالتحام والالتصاق مع جسم غريب واحد فقط لتحطيمه أو القضاء عليه. كما
يحتوي الدم على خلايا الدم البيضاء البلعومية التي تلتهم الأجسام الغريبة ومنها الكائنات
الحية الدقيقة، ومن ثم الوقاية من الأمراض المعدية.
تكوين الجلطات
يحتوي الدم على الصفائح الدموية التي تساعد على
تكوين الجلطات فتمنع بذلك نزيف الدم في حالات الجروح الخارجية.
حمية فصائل الدم
من الناحية الصحية فإن القواعد العلمية تفيد بأن
أي ادعاءات صحية لابد من تأكيدها علميًا، وذلك من خلال إجراء الدراسات المناسبة وإعلانها
بالتفصيل حتى يمكن تقييمها والتأكد منها بوساطة الباحثين. ويمكن دراسة الادعاءات المذكورة
سابقًا ومناقشتها بأسئلة عدة منها:
- هل تظهر طريقة العلاج فائدة تفوق مخاطرها؟
- هل أجريت تجارب فاعلية لهذه الطريقة على مجموعة كافية من المرضى والمجموعات الضابطة؟
- هل نشرت طريقة البحث والنتائج في مجلات علمية محكمة؟
- هل يمكن إعادة النتائج نفسها على مجموعات أخرى وباحثين آخرين؟
للأسف، ما حدث لحمية فصائل الدم أو نظامها للوقاية
من السمنة هو اكتشاف أن الأساس المنطقي أو النظري غير مبني على أي أساس علمي أو طبي.
كما أنه لا توجد أي دراسات فاعلية منشورة في مجلات علمية محكمة، وتم الترويج لها بطريقة
مضللة، والقائمون بالترويج لها غير مؤهلين أو متخصصين في علوم الغذاء أو التغذية أو
الصحة العامة. لم يتم، أيضًا، اعتمادها من أي جهات أو مؤسسات صحية أو علمية معتمدة
مثل منظمة الصحة العالمية، أو إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أو المعهد القومي للتغذية
بمصر، أو المركز القومي للبحوث بمصر، أو المعهد الدولي لعلوم الحياة، أو مايو كلينك
بأمريكا، أو مستشفى جون هوبكن الأمريكية، أو جمعية الحمية الأمريكية، أو جمعية السكري
الأمريكية، أو أي جمعية تغذية أخرى. وحمية فصائل الدم أو نظامها ليس له أي أساس علمي
أو صحي، وينصح بعدم اتباعه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق